إعداد: سجى مفارجة
دائرة مناهضة الأبارتهايد في م.ت.ف
نشرت الصحف الإسرائيلية أواخر شهر آب
الماضي دراسة في حلقتين، أعدها ثلاثة كتّاب إسرائيليين، حيث تقدم الدراسة رؤية
لواقع المناطق المصنفة "ج" في الضفة الفلسطينية، والتي تبلغ مساحتها 60%
من إجمالي مساحة الضفة، وتدعو في السياق؛ الحكومة الإسرائيلية الى اعتماد سياسات
في هذه المنطقة، تتجنب التصادم مع المؤسسات الدولية، وتجنب إعلان الضم والسيطرة
القانونية عليها، لصالح سياسة بديلة تقوم على استمرار السيطرة والتحكم الأمني،
ولكن بدون انتهاج سياسة فاقعة في التهجير والتطهير العرقي للفلسطينيين الذين
يقيمون فيها وبأعداد كبيرة (مئات الآلاف)، الى جانب انتشار 530 قرية وبلدة
فلسطينية في المنطقة "ج".
وترصد الدراسة العامل الجديد والمهم
الذي ينبغي على إسرائيل التعامل معه والمتمثل في صفقة التطبيع
السعودية–الإسرائيلية، التي تعمل عليها الإدارة الأمريكية وتسعى لتنفيذها في خدمة
إستراتيجيتها؛ الهادفة الى تعزيز نفوذها وقدرتها على التحكم بمسار الأوضاع في
الشرق الأوسط، أمام تنامي الدور والتأثير الصيني والروسي والإيراني في الإقليم،
فالإدارة الأمريكية تسعى لبناء تحالف إقليمي قوي في إطار منتدى النقب، بموازاة
توسيع عملية التطبيع بهدف دمج إسرائيل في المنطقة وفقا للاتفاقات الإبراهيمية،
وبهذا السياق تسعى لجر السعودية إلى هذا المربع وتوفير الأسباب والظروف المناسبة
لذلك.
في هذا السياق، تؤكد الدراسة أهمية
تبني إسرائيل لسياسات مرنة فيما يتعلق (بالرزمة الفلسطينية) التي تطالب بها
السعودية لتوقيع صفقة التطبيع، والعناصر الرئيسية لهذه الرزمة تتعلق بالتسهيلات
الإدارية والاقتصادية التي يمكن إن تقدم للفلسطينيين في مناطق "ج"،
والتي تسهم بتلبية احتياجات ملحة لإقامة بنية تحتية وتسهيلات للسكن، واستخدام جزء
من الأراضي الزراعية المروية والمراعي، وبما لا يتجاوز ربع مساحة مناطق
"ج" مع بناء السيطرة الأمنية الكاملة لإسرائيل غليها حسب الورقة.
وتخلص الدراسة الى استبعاد أي حديث عن
إنهاء الاحتلال، وتعتبر أن الصفة القانونية لمناطق"ج" هي (مناطق مدارة)
وفقا لاتفاق أوسلو، ويتقرر مصيرها في مفاوضات الوضع الدائم، لذلك ندعو إلى موقف
سلبي ورافض للتعاطي مع قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن بهذا الشأن.
وختام القول أن الدراسة تدعو لاستمرار
واقع الاحتلال القائم على السيطرة الأمنية والاكتفاء ببعض التحسينات والتسهيلات
لحياة الفلسطينيين، لكن بدون أدنى صلاحيات للسلطة الفلسطينية، وتحت سقف استمرار
الاحتلال الاستيطاني العنصري الإسرائيلي.
وفيما يلي ملخص الدراسة التي تقدم بها
مركز الدراسات الإسرائيلية:
تلخيص مقال الصراع على مناطق
"ج": فرصة لتغيير المقاربة
بقلم: أودي ديكل ورام كوهين ونوي شليف
مناطق "ج"، التي تشكل 60% من
أراضي "يهودا" و"السامرة،" هي نتاج اتفاقات أوسلو، نصف مليون
مستوطن ينتشرون في اكثر من 150 بؤرة استيطانية، في المقابل، يعيش في مناطق
"ج" اكثر من 200 ألف مواطن فلسطيني في اكثر من 530 قرية. يضع
الفلسطينيون يدهم على ربع المنطقة – 5% للمؤسسات والسكن وحوالي 20% للزراعة والرعي.
وتشكل أراضي الدولة وأراضي التسوية حوالي 60% من المنطقة.
تعتبر حكومات إسرائيل مناطق
"ج" فضاء حيويا للاستيطان اليهودي والأمن،و يعتبر الفلسطينيون مناطق
"ج" فضاء حيويا لإقامة دولة فلسطينية.
المقاربة الفلسطينية:
الهدف الأساسي للسلطة الفلسطينية هو
تمهيد الظروف للسيطرة على معظم مناطق ".
في بداية العام 2009، تمت بلورت خطة
باسم "المعركة على مناطق (ج)". تستهدف هذه الخطة إخضاع معظم مناطق
"ج" للسيادة الفلسطينية. الخطة ممولة بميزانية أجنبية ومشمولة في قرار
الاتحاد الأوروبي الذي بحسبه يمكن للفلسطينيين العمل في المناطق "ج.
في السنوات الأخيرة تستثمر السلطة
الفلسطينية جهودا كبيرة في تسجيل الأراضي مع استغلال فراغ قانوني وجد في المنطقة؛
ونجحوا في الحصول على المصادقة لـ 113 تجمعا سكانيا غير مرخص.
(2005) حدثت زيادة كبيرة في حجم البناء
الفلسطيني في شمال "السامرة بدعم أوروبي، لأن الفلسطينيين يعملون بتمويل
أوروبي على تسجيل الأراضي وتسوية الأراضي.
أسس جهود السلطة الفلسطينية:
1. إقامة دولة فلسطينية مع تواصل
جغرافي: خلق تواصل بين المناطق الفلسطينية المأهولة، حيث يشكل الشارع 60 على طوله
العمود الفقري له، والربط بين مناطق الدولة الفلسطينية والأردن.
2. تشكيل الفضاء: البناء قرب شريان
الحياة الرئيسي والسيطرة على مناطق مفتوحة.
3. المس بمشروع الاستيطان، عن طريق قطع
التواصل الاستيطاني الإسرائيلي، وإغلاق والمستوطنات بجيوب وتعميق عزلها.
4. السيطرة على الموارد: احتياطي
الأراضي، الأراضي الزراعية، الموارد الطبيعية، المياه، ومناطق السيطرة.
5. التأثير على الحركة الإسرائيلية في
الفضاء من خلال تشويش نسيج حياة المستوطنين.
6. حرمان إسرائيل من الاحتياطات
الأمنية: مواقع إستراتيجية ومحاور إستراتيجية.
7. تشويش حرية النشاطات الأمنية
الإسرائيلية في الفضاء.
البُعد الاقتصادي:
في بحث خاص نشره البنك الدولي، قدرت
الإمكانية الكامنة الاقتصادية لمناطق "ج"، التي يمكن أن تدر إضافة مهمة
للناتج المحلي الإجمالي للسلطة الفلسطينية كالتالي:
1. الزراعة: سيعطي الوصول إلى الأراضي
ومياه الري الفلسطينيين حوالي 326 ألف دونم زراعي، وزيادة الإنتاج الزراعي المقدرة
بـ 740 مليون دولار (7% من الناتج الإجمالي الوطني الفلسطيني)،
2. استخراج المعادن 918 مليون دولار.
3. المحاجر، إعطاء تصاريح للمحاجر
بالتنسيق بين السلطة وإسرائيل يمكن أن يضاعف الإنتاج ويضيف 241 مليون دولار
4. البناء: زيادة رخص البناء ستؤدي إلى
أرباح بمبلغ 239 مليون دولار.
5. السياحة: تطوير الفندقة والسياحة
126 مليون دولار.
6. الاتصالات: زيادة محتملة للدخل تبلغ
48 مليون دولار.
7. غور الأردن: تطوير مراكز حضرية
وزراعية لتوفير الغذاء. في هذه المنطقة أيضا هناك إمكانية كامنة في مجال الطاقة
والبنى التحتية والصناعة.
8. المساهمة الشاملة في الاقتصاد
الفلسطيني لاستغلال الإمكانية الكامنة الاقتصادية التي توجد في مناطق
"ج" تقدر بإضافة حوالي 35% للناتج الإجمالي الوطني، 3.4 مليار دولار،
للميزانية الفلسطينية.
مقاربة إسرائيل:
حسب رؤية إسرائيل فإن مناطق
"ج" مخصصة للاستيطان في "يهودا" و"السامرة".
حكومة إسرائيل الـ 37، المكونة جميعها
من أحزاب وقوائم تنتمي ليمين الخارطة السياسية تنفذ انقلابا فكريا، هدف هذه
الحكومة هو تثبيت سيطرة إسرائيل على كل مناطق "ج" وتمهيد الظروف لضمها
لدولة إسرائيل.
خلال 55 سنة فإن نظرية سيطرة إسرائيل
على "يهودا" و"السامرة" استندت إلى ثلاث أرجل:
1. ترسيخ هدوء امني بعيد المدى بقدر
الإمكان بوساطة حرب متواصلة ضد البنى التحتية "الإرهابية" وحرية نشاط
عمل الجيش الإسرائيلي في كل المنطقة.
2. كسب الوقت إلى حين نضج الظروف لتسوية
سياسية مع الأخذ في الحسبان أيضا باحتياجات السكان الفلسطينيين.
3. التعهد للمجتمع الدولي بأن مناطق
"يهودا" و"السامرة" (الضفة الغربية) هي مناطق مختلف عليها،
والى حين التوصل إلى اتفاق حول مستقبلها فإن إسرائيل ستحتفظ بها كمناطق محتلة
عسكريا (طبقا للقانون الدولي.
البُعد الأمني:
تعتبر مناطق "ج" مجالا امنيا
للدفاع عن الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
تشمل المنطقة ثلاث مناطق تعتبر مناطق
لها مصلحة حيوية فيها: فضاء امني شرقي - غور الأردن الذي يشكل عائقا في حال تغيير
الأردن موقفه تجاه إسرائيل.
وفضاء امني غربي – المنطقة المسيطرة
طوبوغرافيا على قلب دولة إسرائيل ومواقعها الإستراتيجية (مثل مطار بن غوريون). هذه
المنطقة محاطة في معظمها بالعائق الأمني (الجدار الأمني) وتحدد فعليا عمقا
استراتيجيا للحد من الأخطار الأمنية و"الإرهاب" في قلب الدولة.
البُعد الاستيطاني:
حسب المقاربة التي توجه المستوطنين
الأيديولوجيين ومؤيديهم في أوساط الجمهور والحكومة، بالأساس المنتمون للصهيونية
اليمينية المتطرفة، فإن وصية استيطان كل "أرض إسرائيل" تعادل كل الوصايا
الأخرى معاً. ومن أجل إبعاد حضور ونشاطات الفلسطينيين في مناطق "ج" تتم
إقامة مزارع زراعية، ويتم وضع اليد على أراضي رعي واسعة.
فرض السيادة/ ضم مناطق "ج"
هذه القضية أيضاً توجد في مركز خلاف
عميق داخل المجتمع الإسرائيلي. طرحت حول هذا الموضوع عدة أفكار:
1. فرض السيادة في غور الأردن التي
ستحدد حدود إسرائيل الشرقية وتمنع "حق العودة" للفلسطينيين عبر الحدود
الشرقية.
2. فرض السيادة/ الضم على أراضي
المستوطنات فقط (منطقة مبنية أو مناطق خاضعة للولاية القضائية(.
3. ضم الكتل الاستيطانية طبقاً لمسار
الجدار الأمني.
4. ضم كل مناطق "ج".
5. ضم نصف مناطق "ج" كما تم
التعبير عن ذلك في صفقة القرن للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 2020.
الفكرة الأساسية التي تدفع بها قدماً
الحكومة الحالية هي توفير الظروف للضم (هناك من يسمي الخطوات العملية على الأرض
"ضماً زاحفاً")، ويتمثل ذلك بعدة خطوات في أساسها: نقل صلاحيات الإدارة
المدنية إلى الوزير في وزارة الدفاع بتسلئيل سموتريتش، وتوسيع مشروع الاستيطان
بوساطة "تسوية الاستيطان الشاب": اعتراف قانوني بالبؤر الاستيطانية غير
القانونية.
إن الضم والتصرف أحادي الجانب والتعامل
مع الوضع الحالي كوضع دائم وليس كوضع مؤقت، كل ذلك يضع إسرائيل في موقف إشكالي
إزاء الانتقاد الدولي وتصنيفها دولة أبارتهايد.
الخلاصة والتوصيات:
برؤية إستراتيجية، فإن الحفاظ على دولة
إسرائيل يهودية وديمقراطية وآمنة ومزدهرة يستوجب وقف توجهات دمج المجموعات السكانية
في "يهودا" و"السامرة" والانزلاق إلى واقع الدولة الواحدة.
لذلك، يجب خلق الظروف لانفصال سياسي، جغرافي وديموغرافي عن الفلسطينيين، وفي الوقت
ذاته تثبيت سلطة فلسطينية مسؤولة ومستقرة، قادرة على القيام بدورها بفعالية وتنسّق
مع إسرائيل.
يجب على إسرائيل أولاً وقبل كل شيء
تغيير نظرتها حول مناطق "ج"، من سيطرة أحادية الجانب إلى اعتبارها فضاء
لتفاهمات مع السلطة الفلسطينية.
نقترح تخصيص 25 في المئة من مناطق
"ج" لتطوير بنى تحتية ومشاريع اقتصادية لتشجيع الاقتصاد الفلسطيني، و
تشكيل لجنة خاصة بمشاركة جهات دولية لاقتراح مشاريع في مناطق "ج".
بخصوص المستوطنات: يجب إخلاء كل البؤر
الاستيطانية غير القانونية والمزارع غير المصرح بها، وتفضيل البناء والتطوير في
الكتل الاستيطانية التي تقع غرب الجدار الأمني. المستوطنات المعزولة داخل الأراضي
الفلسطينية يجب وقف توسيعها، باستثناء احتياجات التكاثر الطبيعي وإحباط سياسة
الوزير سموتريتش نقل نحو نصف مليون مستوطن آخر إلى هناك.
الاتصالات من أجل التطبيع بين إسرائيل
والسعودية، فقد تم طرح الحاجة إلى "رزمة فلسطينية"، أي مقابل من جانب
إسرائيل في الموضوع الفلسطيني، الذي يمكن لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان،
والرئيس الأميركي جو بايدن، أن يسجلاه إنجازاً سيساهم بتطبيق حل الدولتين.
- السيطرة المشتركة على المعابر،
وتحسين مستوى الخدمات والبنى التحتية. تأكيد خاص على معبر جسر اللنبي إلى الأردن
وإشراك السلطة الفلسطينية في تشغيله.
- إقامة مطار مشترك في غور الأردن
للمسافرين الفلسطينيين، والإسرائيليين، وإقامة معابر برية في ترقوميا و"شاعر
أفرايم" لفحص البضائع المعدة للتصدير من مناطق السلطة الفلسطينية والاستيراد
إليها.
- الكهرباء. ربط تزويد الغاز من
إسرائيل، وفي المقابل إقامة محطات كهرباء فلسطينية باستثمارات خاصة من أجل جسر
الفجوة في استهلاك الكهرباء.
- المياه: استئناف نشاطات لجنة المياه
المشتركة، وتخصيص منطقة على شاطئ البحر المتوسط بتمويل سعودي أو دولي لإقامة محطة
تحلية فلسطينية.
- تطوير غور الأردن كفضاء اقتصادي
مشترك بين إسرائيل والسلطة والأردن، وربطه بدول عربية أخرى.
- إقامة مزارع لتطوير تسويق فلسطيني للفواكه
والخضار مع منع تلوث المياه الجوفية.
- جودة البيئة: وقف عمليات تلويث
الهواء، المياه/ والأرض (ضخ مياه المجاري في الأودية وتلويث الأرض والمياه الجوفية
بمياه المجاري غير المعالجة وإحراق المواد الملوثة ورمي النفايات الإلكترونية
الممنوعة).
- أزمة المناخ: الدفع قدماً بمشاريع
مشتركة تخدم مصالح مشتركة بمساعدة التكنولوجيا الإسرائيلية.
ستفيد خطوات بهذا الاتجاه في تخفيف
الصراع المتزايد بين إسرائيل والفلسطينيين، لا سيما في تمهيد الظروف الانفصال عن
الفلسطينيين.