أخر الاخبار

د. منذر الحوارات: أتوقع إقامة علاقات بين”إسرائيل” ودول عربية أخرى خلال الفترة القادمة

 


عمان- خاص بـ”البيادر السياسي”:ـ محمد المدهون.

في خطوة قد لا تكون مفاجئة للكثيرين من المحللين والمتابعين والسياسيين، لكنها تعتبر ضربة قاسمة للشعب الفلسطينية وقضيته الوطنية، أعلنت الإمارات العربية المتحدة تطبيع علاقاتها بالكامل مع “إسرائيل”، وتأتي هذه الخطوة في ظل تفاقم وتيرة الأحداث على الساحة الفلسطينية منذ أن أعلن ترامب عن ما يُسمى بصفقة القرن التي رفضها الفلسطينيون جملةً وتفصيلًا، واستمرار التهديدات الإسرائيلية وجرائم الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني.. اتفاق الإمارات والتطبيع مع الاحتلال وصفقة القرن كانت محاور اللقاء الخاص الذي أجرته “البيادر السياسي” مع الكاتب والمحلل السياسي الأردني الدكتور منذر الحوارات الذي تحدث باستفاضة حول هذه المواضيع، وأكد على أهمية الموقفين الفلسطيني والأردني الصلب في إفشال تنفيذ ما تُسمى خطة القرن والضم.

 

التطبيع مع الاحتلال

 

وفي رده على سؤال حول إعلان تطبيع العلاقات ما بين الإمارات العربية المتحدة ودولة الاحتلال قال الدكتور منذر “ليس مستغربًا هذا الأمر، فمنذ اجتماع المنامة اجتمعت دول عديدة مع كيان الاحتلال فيما سُمي الاجتماع القيادي لصفقة ترامب.. منذ ذلك اليوم والشبهات تحوم حول إمكانية إعادة العلاقات، وفتح علاقات دبلوماسية ما بين دول الخليج العربي قاطبة وكيان الاحتلال، وهو يعتبر خرق عربي بما عرف سابقًا بمبادرة السلام العربية التي أعلنت في بيروت والتي علقت الدول العربية في حينها أي انفتاح مع كيان الاحتلال بخطوات على الأرض بالاعتراف بقرارات الشرعية الدولية وحل القضية الفلسطينية على أساس الأرض مقابل السلام ، ورأي  الحوارات أن هذا الاتفاق نسف لكل القوانين الدولية التي اعتبرت أن الحل العادل للقضية الفلسطينية يتم بتحقيق القرارين 242 و338، ولكن الملاحظ في البيان أنه رغم الحديث عن أن هذا الاتفاق سيكون مقدمة لحل القضية، وإيقاف علني للضم والخطوات الإسرائيلية في ضم أراضٍ غير معرفة، ولكن في الفقرة الأخيرة من البيان هنالك كلام واضح وصريح على اعتبار خطة السلام الأمريكية- أي صفقة القرن- هي المرجعية لهذا الاتفاق وهذه هي النقطة الخطيرة في الموضوع، حيث نص البيان” سيواصل الطرفان جهودهما في هذا الصدد للتوصل إلى حل عادل وشامل ودائم للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي وبحسب خطة السلام، وبحسب هذه الخطة يجوز لجميع المسلمين أن يأتوا لزيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه، وينبغي أن تظل الأماكن المقدسة الأخرى في القدس مفتوحة أمام المصلين لجميع الأديان”، طبيعي هنا أن المرجعية للحل هي خطة السلام الأمريكية “صفقة القرن” وبشكل ضمني أيضًا إقرار سيادة “إسرائيل” على المكان المقدسة الإسلامية وغيرها وأن أحقية الزيارة تتم بهذا الاعتراف بهذه السيادة، وأضاف أن البيان المشترك لم يأتِ على ذكر أي قول على أن هذه الأماكن هي خاصة للفلسطينيين وتابعة لسيادتهم، ولم يأتِ أي قول حول موضوع القدس وإنما اقتصر الكلام على حق الزيارة بواسطة أبو ظبي.. إذًا هنا اختراقين أساسيين على الأسس التي قامت عليها علمية السلام بين الفلسطينيين والكيان الإسرائيلي، وأن الأساس العادل لحل القضية الفلسطينية هو قرارات الشرعية الدولية وأن القدس جزء أساسي من الصراع، وأن الأماكن المقدسة هي فلسطينية ..

 

* صفقة القرن هي ثاني أكبر خرق للقوانين الدولية

 

وتابع الكاتب والمحلل السياسي منذر الحوارات لـ”البيادر السياسي” أن هذا الاتفاق هو خرق لفكرة التمسك بالحل العادل للقضية الفلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية واستبدلها بخطة ترامب، وهذا مرفوض جملةً وتفصيلًا من قبل الفلسطينيين والأردنيين والكثير من العرب، ولا ينبغي أن تضعه دولة عربية في إطار إيجاد مشروعية لعلاقاتها مع الكيان الإسرائيلي.. ليقيموا علاقتهم كما يشاؤون، ولكن في النهاية أسس الحل لا يجب أن يتم العبث فيها.. أسس الحل يجب أن تستند إلى ما يقبله الفلسطينيون والمجتمع الدولي بقراراته الشرعية.. إذا أردوا الحديث عن العلاقة فهي قائمة لأجل أن تكون “إسرائيل” جزء من الأمن الاستراتيجي لمنطقة الخليج العربي وأتوقع إقامة علاقات مع دول عربية أخرى خلال الفترة القادمة وتتويجها كما يقولون باتفاقيات سلام لكن آمل أن لا تستند تلك التوقيعات على حق الفلسطينيين ومصلحتهم في إقامة وطنهم .. إذا أرادوا أنا يقيموا علاقات مع “إسرائيل” فلا نستطيع أن نمنعهم ربما نستنكر قليلا لكن في النهاية هم أقاموا العلاقات لكن لا يجب أن تكون مستندة على حساب حقوق الشعب الفلسطيني العادلة والثابتة في أرضه ووطنه ومقدساته.

 

صفقة القرن

 

وفي رده على سؤال حول صفقة القرن مع اقتراب الانتخابات الأمريكية أكد الكاتب والمحلل السياسي منذر الحوارات أن صفقة القرن هي ثاني أكبر خرق للقوانين الدولية بعد الخرق الأول وهو إنشاء كيان الاحتلال في العام 1948، هذه الصفقة كانت تتضمن إنهاء حلم الفلسطينيين بإنشاء كيانهم المستقل على أرضهم التاريخية، وإنهاء أي أمل لإيجاد جغرافية فلسطينية متواصلة، حيث تضمنت الصفقة مكونين اثنين، خطة اقتصادية شاملة، غايتها إيجاد  حالة من التشابك الاقتصادي الذي تهيمن عليه “إسرائيل”، والجزء الثاني إنهاء عناصر الصراع اللوجستية على الأرض وهي باختصار العناصر التي أجلت دائمًا للحل النهائي وهي الأرض والمستوطنات والقدس واللاجئين وغيرها من القضايا.

 

وأكد أن “إسرائيل” تلقفت الصفقة الأولى منذ اللحظة الأولى ولم تنتظر أن يقبل أو يرفض الطرف الآخر هذه الصفقة، مشيرًا إلى أن المستوطنات كانت تشكل عنصر قديم تعد له “إسرائيل” في الضفة الغربية لتقلص المساحة الجغرافية التي تخص الفلسطينيين، وتجزر هذه الجغرافية وتجعلها غي قابلة للحياة إلا في إطار تجمعات سكانية بائسة وحزينة وليس لها أي أمل في التقدم والتطور، وأطلقت لنفسها العنان للسيطرة والهيمنة على الأرض منذ احتلالها للضفة الغربية.

 

استثمار عنصر الزمن

 

وأضاف” بدأ الاستثمار الإسرائيلي لعنصر الزمن، لأن الإدراك العميق بأن إدارة ترامب متقلبة تميل لتحقيق الصفقات السريعة، وبالتالي لم يثق ترامب أن الإدارة الأمريكية ستمضي في هذه الخطة إذا وجدت أنها لم تخدم مصلحته الانتخابية، لذلك وجدناه دائمًا يصارع ويقرر على أنه يريد الضم، لكن ثمة عناصر ظهرت لن تخدم المضي قدمًا في تنفيذ هذه الصفقة لنتنياهو، وأضاف الحوارات أن هذه العناصر هي التي كان نتنياهو يعتقد بأنه نتيجة الضغط والوضع الاقتصادي سيرضخ الفلسطينيون للضغوط، مؤكدًا أن الموقف الأردني من هذه الصفقة كان واضحًا وحازمًا بأنه يرفضها، وأيضًا ذهب الفلسطينيون إلى حافة الهاوية في علاقاتهم مع الولايات المتحدة، وجمدوا كل العلاقات معها، وكان ذلك صفعة للولايات المتحدة وإيذانًا بفشلها، أما الجانب الإسرائيلي فهو يعتبر هذه الصفقة فرصة تاريخية  له ولن يقف مكتوف الأيدي أمام تنفيذها بل سيحاول فعل ذلك.

 

فرض وقائع على الأرض

 

وأضاف المحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات أنه مع تبدل الواقع في الولايات المتحدة الأمريكية وزيادة الاهتمام بالمخاطر الداخلية، وزيادة الاهتمام بموضوع كورونا وتداعياته على الاقتصاد الأمريكي وتراجع شعبية الرئيس الأمريكي يبدو أن ترامب فقد اهتمامه بموضوعها، وبالتالي فقد الحماس، وربما اكتشف بذاته أن “إسرائيل” تريد أن تطبق الجزء الذي يخصها من الصفقة وهو الجزء المتعلق بالضم، وأضاف أن “إسرائيل” كانت تسارع الزمن لاقتناص هذه الفرصة التاريخية لفرض وقائع على الأرض بحيث لا يمكن العودة عنها مستقبلًا فيما لو قررت الإدارة الأمريكية التنصل/ لذلك وجدنا منذ اليوم الأول بدأ الاحتلال وزرع الأسس المستقبلية التي لا يمكن العودة عنها من وجهة نظر “إسرائيل”، وبالتالي نتنياهو يصرح كل يوم بأن هذه الخطة لن تعود إلى الوراء وستمضي قدمًا إلى الإمام، وبالنسبة للإسرائيليين خطة الضم ستظل قائمة وإن توقفت بسبب الانتخابات الأمريكية أو تراجع مؤقت لإدارتها.

 

وأضاف ربما يأتي بايدن الذي أعرب عن معارضته لهذه الصفقة وبالتالي تحاول “إسرائيل” أن تقتنص الفرصة، لكن الموقف الفلسطيني والأردني من هذه الصفقة يبدو ثابتًا أنه لا تراجع عن الرفض لها والوقوف في وجهها وأن هذه الصفقة إنهاء لعملية السلام وتحقيق حلم الفلسطينيين بتحقيق وطن مستقل، وبالنسبة للأردن تعتبر خطرًا إستراتيجيًا لأنها تهدد أن تكون الحلول المستقبلية على حسابه.

 

حجر الزاوية

 

وأكد الحوارات أن الفلسطينيين هم حجر الزاوية والعنصر الأهم والأقوى في رفض هذه الصفقة وعرقلة مسيرها إلى الأمام بسبب الموقف الصلب الذي جسده كل فلسطيني.. هذه الصفقة وحدت الشعب الفلسطيني والجميع رفضها، لأنها ستنهي الحلم الذي يطمح إليه كل فلسطيني  بإنشاء وطن فلسطيني على أراضي الضفة وقطاع غزة وهو أقل احتمال ولا يجوز أن يتم التنازل عن أي جزء عن هذا الحلم، وبالتالي كان الموقف الفلسطيني أثرًا كبيرًا ومهمًا ولا يمكن لشئ يعزز الموقف الفلسطيني بقدر وحدتهم الفلسطينية وإنهاء حالة الانقسام والتشرذم التي تعاني منها الساحة الفلسطينية وباعتقادي على الفلسطينيين أن يتوقفوا عن حالة الخلاف والقطيعة التي تسود بينهم.. كل القضايا مهما كبرت تتصاغر أمام مصلحة الفلسطينيين الوطنية في إنهاء الاحتلال، ودعا إلى إيجاد طريق واضح للمصالحة الفلسطينية، وهذا الخلاف هو طعنة في مصير ومستقبل الشعب الفلسطيني ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن يستمر ويجب إلقاء جميع الخلافات وراء ظهر الفلسطينيين حتى يستطيعوا أن يتحصلوا على الدعم الدولي والعربي وأن يجتنبوا حالة التشفي التي حصلت جراء هذا الانقسام..

 

خطة الضم

 

 وحول عدم تنفيذ الاحتلال خطة الضم في موعدها قال الحوارات: لم ينفذ الاحتلال خطة الضم على الأرض نتيجة الموقفين الفلسطيني والأردني وبعض المواقف العربية التي وقفت ضد هذه الخطة، ولكن لا يجب أن يغيب عن البال أن الإدارة الأمريكية لم تعد متحمسة كما السابق لعملية الضم لأنها أدركت صعوبتها.. كانت بدايتها مبني على التحيز الحقيقي لكيان الاحتلال وقراءة مغلوطة لتاريخ الصراع وموقف أحادي الجانب من يمينين إسرائيلي وأمريكي كان غايته إنهاء القضية الفلسطينية، إنهاء وجود أي مستقبل لحلها، لكن الموقف الفلسطيني مثمرًا في ذلك، وحينما أدرك ترامب أنه رغم قوة الولايات المتحدة وقوة كيان الاحتلال لم يستطيعا أن يفرضا الإرادة على موقف الفلسطينيين الصامد فبرز وعبر عن نفسه بوضوح ولم يكن متورايًا خلف قوة “إسرائيل” وبالتالي له الحق أن ينتصر على إرادة ترامب ونتنياهو.

 

الموقف الأردني

 

وأضاف الحوارات: كان للموقف الأردني أثر مهم كبير وداعم للموقف الفلسطيني من هذه الصفقة “الجريمة”، لأن القضية الفلسطينية هي قضية كل مواطن أردني والدولة الأردنية ومستقبل الأردن والفلسطينيين، وبالتالي أي حل غير عادل للقضية الفلسطينية لا يتضمن إنشاء وطن فلسطيني مستقل ذو سيادة، وتواصل جغرافي سوف يؤثر بالضرورة على مستقبل الأردن ووجوده لأن “إسرائيل” كانت تطرح دومًا مفهوم الوطن البديل على حساب الدولة الأردنية، لذلك خاض الأردن صراعه للدفاع عن ذاته أولًا والدفاع عن الفلسطينيين والعلاقة المشتركة ونجح الأردنيون والفلسطينيون في مواجهة هذه الصفقة والوقوف بعناد وصلابة في وجهها وكانت النتيجة في مصلحة كلا الشعبين الفلسطيني والأردني.. أعتقد أن العلاقة التاريخية بين الأردن والفلسطينيين والتاريخ المشترك والتواصل على صعيد الديموغرافيا بين هذين المكونين سيكون عنصرًا حاسمًا دائمًا في مواجهة أية مخططات إسرائيلية وأمريكية لضم الأراضي الفلسطينية أو لمحاولة الحلم الفلسطيني، مؤكدًا أن الفلسطينيين شعب عظيم ربما لا تحوي الذاكرة البشرية شعبًا واجه المحن والصعاب مثل الشعب الفلسطيني، في بدء نشأة الدول سرقت منه الجغرافية الفلسطينية، وفي بدء إنشاء كيان الهويات حاول الكيان العنصري الإسرائيلي أن يسرق هويته، وفي بدء تجذر مفاهيم اللغة والثقافة تحاول “إسرائيل” أن تجد لغة وثقافة أخرى.. “إسرائيل” لا تريد أن تحتل الأرض الفلسطينية فقط، وإنما التاريخ والثقافة والجغرافية والمستقبل الفلسطيني.. باعتقادي أن الفلسطينيين يعون ذلك جيدًا ويتعاملون معه ويدركون أن الصراع ليس مرحلي، بل طويل المدى، لذلك تجد الفلسطينيين من الطفل الصغير إلى الكهل الكبير يدركون مفاتيح الحل وهي مفاتيح البيوت هي المدخل للعودة إلي التاريخ الفلسطيني ومستقبل الفلسطينيين، وهذا ما يؤرق “إسرائيل”، وما يقض مضاجعها بأن هذا الشعب لا ينسى أبدًا ولن ينسى حلمه وتاريخه، لذلك إذا كان للفلسطينيين أن يحققوا طموحهم في المستقبل فإن ذلك مرهون بوحدتهم ونبذ الخلافات والتمسك بأحلامهم.

 

ودعا الحوارات إلى الوحدة ونبذ الانقسام والتمسك بهويتهم والبحث في التاريخ بحثًا جادًا ينهي المقولة الإسرائيلية بأن لا تاريخ فلسطين وهذا يتم بالتعاون مع الأشقاء والأصدقاء، وبذلك سينال الفلسطينيون حلمهم ويحققوا مبتغاهم وستكون لهم الغلبة في النهاية لأنهم أصحاب الحق والأرض والتاريخ.

 

نشر في موقع البيادر السياسي الإخباري بتاريخ 14/8/2020

 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-